صحف مصرية: كورونا يكشف انحياز الحكومة للأثرياء والفنانين… والصحف تواجه الفناء بحلول بديلة كلمات مفتاحية
القاهرة ـ «القدس العربي»: لمصر في صحف الاثنين 28 ديسمبر/كانون الأول نسختان، الأولى على نقيض الثانية.. أغلبية تشكو في معزل عن السلطة وآلتها الإعلامية القادرة على شيطنة من تريد، وتجميل من تهوى دون أن تضع في حسبانها لحظة قد يتدخل فيها القدر لتصحيح المسار.. اللافت أن كتابا ينتمون للسلطة القائمة، وهم يودعون العام المتخم بضحاياه، انتابتهم رغبة في التطهر وحالة من يقظة الضمير وكأنهم يخشون الفيروس الذي يضرب بشدة قصور الأثرياء، فراحوا يبرؤون ساحتهم، اعتذارا عن تمترسهم في الجهة المناوئة للأغلبية.
في صحف السلطة وغيرها التي تزعم استقلاليتها، والثالثة التي ترتدي ثوب المعارضة، لن يختلف الخطاب الإعلامي، ولا الاهتمامات كثيرا، أما القضية التي أولتها الصحف الاهتمام على الصعيد الشعبي، فتزايد عدد المصابين بكورونا، وعزم الحكومة مواجه أي تهاون في اختراق الإجراءات الاحترازية، وأولت الصحف عناية خاصة بمتابعة تداعيات الفيروس القاتل، حيث أوضح الدكتور خالد مجاهد مستشار وزيرة الصحة والسكان وفقا لـ« الأهرام» أنه تم تسجيل 1226 حالة جديدة ثبتت إيجابية تحاليلها معمليا بكورونا، ووفاة 53 حالة جديدة. فيما قال نادر سعد، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، أن إقامة سرادقات العزاء ممنوعة تماما، سواء كانت في مناطق مفتوحة أو مغلقة. وبالنسبة للفرقعات الإعلامية، التي أصبحت سمة تلهث خلفها الصحف، لن تجد تصريحات أشد استفزازا في نهاية العام سوى لضاحي خلفان، ورانيا يوسف، الأول هاجم فيه بلدا هو»اليمن» الذي أثنى عليه نبي الإسلام في حديث رواه البخاري، ومسلم عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَة وَأَلْيَنُ قُلُوبا، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ). بينما اهتمت الصحف بتصريحات رئيس شرطة دبي السابق ضاحي خلفان عبر حسابه في تويتر «لن تجد كاليمني الشمالي عميل… ناكر للجميل». أما أبرز تصريح أثار صخبا فورد على لسان الممثلة رانيا يوسف المشهورة بعرض مفاتنها، حيث امتدحت أمس الأول «مؤخرتها» على النحو الذي اثار استياء واسعا تعهد على أثره نقيب الممثلين أشرف زكي بفتح تحقيق في الواقعة… ومن تقارير «الوطن» ناشدت السفيرة نبيلة مكرم عبدالشهيد، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، النوادي المصرية في دبي وعجمان والمصريين في الشارقة، بالتكاتف وال في مبادرة «خلينا سند لبعض» بغرض تقديم المساعدة والعون للمصريين العالقين في الإمارات، خلال تلك الفترة، وحتى تفتح دولة الكويت أبوابها مرة أخرى أمام القادمين إليها. فيما شهدت الساحة الفنية والثقافية وفقا لبوابة «فيتو» العديد من الأحداث والأخبار المهمة، التي كان أبرزها تفجير محامي أصالة لمفاجأة بخصوص طلاقها من طارق العريان، ورانيا يوسف تتحدث عن تصريحاتها المثيرة، وفيلم بريطاني يجسد حياة فاطمة بنت النبي يثير عاصفة من الجدل.
تجار الأزمة
طالب أكرم القصاص في «اليوم السابع» بمواجهة تجار الأزمة، وأغنياء الوباء، في بعض المستشفيات الخاصة والمعامل، أو حتى الصيدليات وتجار الأدوية، ممن يسحبون أو يحصلون على أدوية بروتوكولات العلاج ويبيعونها في سوق مواز، أو الشركات التي ضاعفت سعر أسطوانة الأوكسجين أربعة أو خمسة أضعاف، منذ بداية الأزمة. وقد ظهر هؤلاء في الموجة الأولى للفيروس، التى كانت أخف وطأة مما هو حادث الآن، رغم وجود قرارات تلزم المستشفيات الخاصة بعلاج الحالات المؤكدة بأسعار معقولة، فإن أعدادا من هذه المستشفيات لم تلتزم بالقرارات، وتبالغ في أسعار تقديم الخدمة الطبية، على الرغم من أن الدولة في مواجهة كورونا في حالة طوارئ، ومن حق السلطات الحكومية اتخاذ إجراءات صارمة تصل إلى حد إدخال المستشفيات داخل نظام العلاج والمواجهة للفيروس، وحتى في الدول الرأسمالية والاقتصاد الحر، فإن القانون يمنح الدولة الحق في إخضاع المستشفيات الخاصة لإرادة الدولة وخدمة المرضى، والدولة لديها سلطة تطبيق هذا في ظل مواجهة أزمة وبائية خطيرة، لكن كل هذا لا يحدث، وتتكرر قصص رفض بعض المستشفيات استقبال المرضى، قبل أن يسدد المريض عشرات الآلاف مقدما، وتبدو المستشفيات الخاصة خارج نطاق أي سيطرة، وتتعامل على أنها خارج البلد، وأن كل من يتعامل معها رجل مال، وبعض هذه المستشفيات تبالغ في أسعار الخدمة، وتتهرب من سداد الضرائب، وهو أمر مخالف في الوقت العادي، وجريمة في أوقات الطوارئ. في الموجة الأولى تدخلت الحكومة لتحديد أسعار العلاج في المستشفيات الخاصة، وبقيت الأسعار مضاعفة، وتم فتح الأبواب الخلفية وهناك قصص تكشف عن جشع ومبالغة من قبل المستشفيات الخاصة، وانضمت بعض المعامل ومراكز الأشعة إلى اللعبة، من خلال رفع أسعار التحاليل والأشعة، وهو استغلال للأزمة يتجاوز الجريمة، إلى ما يعتبر نوعا من المافيا. انتهى الكاتب إلى أننا في مواجهة وباء ويفترض تطبيق كل ما يلزم من إجراءات لمواجهة الفيروس بمضاعفة إمكانات مستشفيات العزل والحميات ودعم أطقمها الطبية، وأيضا فيروس مافيا المستشفيات والمعامل الخاصة.
سلالات جديدة
لا حديث يعلو فوق التحور الجديد لفيروس كورونا المستجد «كوفيد -19» وسرعة انتشاره بشكل مرعب عالميّا، كما قالت وفاء بكري في «المصري اليوم» حتى أصبح الجميع في مصر يستشعرون الخطر الحقيقي، وباتت كل عائلة قاب قوسين أو أدنى من الإصابة بالفيروس، الذي لا تزال لقاحاته تخطو الخطوات الأولى، من بينها اللقاح الصيني، الذي حددت وزارة الصحة عدة شروط وفئات لتناوله أولا. المثير أن درجة الحرارة التي كانت أحد أهم مؤشرات الإصابة بالفيروس، لم تعد عرضا أساسيّا، وحل محلها الإرهاق والضعف الشديدان، بجانب الأعراض التنفسية. وفقا للدكتور أيمن السيد سالم أستاذ ورئيس قسم الصدر في قصر العيني جامعة القاهرة، فإن فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19» يضم حاليا 4 سلالات في مصر، ويتحكم حجم الفيروس في مدى خطورة وصعوبة الأعراض، التي تنتج عن الإصابة به، موضحا أن عائلة فيروس كورونا تضم نحو 7 أخوات آخرها «كوفيد -19» الذي يشبه بشكل كبير أعراض الإنفلونزا. وقال سالم «بالنسبة لأعراض الإصابة في الموجة الثانية لجائحة كورونا، وفقا للمصابين، وتوصيات منظمة الصحة العالمية، فهناك تغيرات في الحالة المزاجية، مع الإرهاق والضعف الشديدين، ولا بد أن تكون مصحوبة بأعراض تنفسية، لتشخيص المريض أنه مصاب بالفيروس، مع التأكيد على أن الإصابة في أغلب الأحيان لا تصاحبها مشكلة الأرق، بل على العكس فمصاب كوفيد -19 غالبا ما تزيد حاجته للنوم، نتيجة الإرهاق الشديد الذي يعانيه جراء الإصابة». و«قد لا يصاحب الإصابة، ارتفاع في درجات الحرارة، كما كان شائعا في الموجة الأولى، حيث تم رصد حالات إصابة مؤكدة بالفيروس ولم ترتفع درجة حرارتها».
محظوظون بالمرض
عدد من نجوم الفن والإعلام ابتلاهم الله بفيروس كورونا. أغلبهم كما أفصح الدكتور محمود خليل في «الوطن» خرج ممتدحا الرعاية الصحية التي حظي بها، والتدخل العاجل من جانب مسؤولؤ وزارة الصحة، حين بادروا إلى مد يد العون لهم ومساعدتهم في مواجهة الفيروس اللعين. ما قامت به «الصحة» في هذا السياق واجب، ومؤكد أن من يقوم بواجبه يسعد بعبارات الشكر التي توجه إليه من جانب من بذل معهم الجهد، ويرحب بها ترحيبا خاصا، إذا جاءت على لسان نجوم يهتم الناس بأخبارهم. غالب الناس تهتم بالتصوير مع النجوم. فاللقطة مع النجم تلف وتدور وتعبر جبالا وبحورا لتتلقاها كل عين، لكن العقل يقول إن الظرف الذي نعيشه لا يحتمل مطلقا فكرة «الأداء المعتمد على اللقطة». بسطاء الناس يقرأون ويسمعون عما حظي به النجوم من رعاية وعناية، في وقت يعيشون فيه أو يعاينون كَمّ العنت والتعب الذي يقاسيه من شاء الله وابتلاه بالفيروس، حين يرغب في إجراء مسحة أو تحليل أو أشعة، أو يريد جرعة أوكسجين تنقذ رئتيه، أو يبحث عن مكان له في مستشفى، إذا كانت حالته تتطلب ذلك، بل إن بعضا ممن تكون حالاتهم بسيطة، يمكن رعايتها بالمنزل قد يعانون في دفع ثمن بروتوكول العلاج، خصوصا إذا أصيب أكثر من فرد من أفراد الأسرة.
حسابهم عند ربهم
تابع الدكتور محمود خليل: «بسطاء الناس الذين نتحدث عنهم قد يكون بينهم مهندسون وأطباء ومعلمون وأساتذة جامعات، يعانون من «البلوى» وتشتد حاجتهم إلى يد تعاونهم وقد لا يجدون. ورغم أن مسؤولي الصحة ينصحون البسطاء من المواطنين العاديين بالالتزام بالإجراءات الوقائية، ويتهمون من يقصر فيها أو يهملها بقلة الوعي، والمساهمة في تفشي الفيروس، إلا أننا لا نسمع منهم مثل هذه الاتهامات بحق النجوم، الذين يحضرون المهرجانات والحفلات وخلافه. لا نسمع من المسؤولين سوى كل خير، حين يتعلق الأمر بالنجوم. والأمر لا يقتصر على مسؤولي الصحة، بل يمتد إلى المسؤولين عن العديد من المؤسسات، ممن أصبحت الكاميرا والتقاط كام صورة ووضعها على مواقع التواصل الاجتماعي سلاحهم الأوحد لـ«البروزة» وإثبات الذات الإدارية. وكلما زاد «الشير واللاف والكومنت» على اللقطات التي يظهر فيها المسؤول وهو يشرف على الرش أو التطهير أو يعطى أوامره، بارتداء الكمامات، أحس صاحبها بالرضا عن نفسه، وداخله شعور بأنه «عبقرؤ زمانه». أسلوب اللقطة يستفز الناس، خصوصا إذا جاء في توقيت غير مناسب. مؤكد أنك سبق وذهبت إلى عيادة أو اصطحبت أحد المرضى إلى عيادة، ولك أن تسترجع حالة الغضب والضجر التي تصيب المرضى، حين يجدون أن أحدهم تم تقديمه عليهم في الدور أو تمييزه في الرعاية، رغم أن الكل يعاني. ليست الظروف الحالية التي يعيشها المصريون بالظروف التي يصح أن يلجأ بعض المسؤولين فيها لأسلوب اللقطة، مستهدفين بروزة بعض القرارات الساذجة التي اتخذوها. وفي كل الأحوال علينا أن نستوعب أن الناس جميعا عُرضة للمرض، كما أن الموت هو نهاية كل حي، لا تمنعه عناية، ولا تحول بينه وبين من انقضى أجله رعاية، ولا تشفع فيه نجومية أو حظوة أو مال أو نفوذ. إنه أعدل الأشياء قسمة بين الناس».
من وراء المؤامرة؟
بعد إعلان بريطانيا اكتشافها تطور فيروس كورونا إلى ما هو أخطر، عاد الحديث عن نظرية المؤامرة التي وراء ظهور هذا الفيروس من أساسه. ولأن الفيروس كما أوضح صلاح منتصر في «الأهرام» ظهر أول ما ظهر في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فقد قيلت نظريتان متناقضتان: الأولى تتهم الصين بأن الفيروس أصاب أهلها عندما كانت تعده في مختبرات عسكرية لتسلطه على أمريكا، بينما النظرية الثانية تقول إن أمريكا هي التي توصلت إلى الفيروس وأطلقته على الصين، للحد من قدراتها الاقتصادية التي تهدد عرش أمريكا.. وفى تفسيرات أخرى أن الفيروس ظهر في ووهان لأنها المدينة التي شهدت إطلاق الجيل الخامس الذي تصدر عنه أمواج كهرومغناطيسية، تتسبب في أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا، لكنها تطورت وأدت إلى ظهور فيروس كورونا، ونظرية المؤامرة من الأشكال الحاضرة وراء أي عمل، ومن سماتها أنها لا تحتاج إلى أدلة أو تفسيرات منطقية، بل يكفى إطلاقها وعلى من لا يصدقها إثبات غير ذلك، ولهذا تروج نظرية المؤامرة معتمدة على شكوك الملايين الطبيعية في معظم ما يحدث من كوارث ومصائب تهدد البشرية. وربما كان أخطر ما قيل في إطار المؤامرة، إن كورونا سلاح قرر من يطلقه القضاء على أكثر من نصف سكان العالم، الذين تجاوزوا المليارات السبعة كي يتبقى عدد مناسب من السكان، تتوافر كل احتياجاتهم من الغذاء والماء والطاقة. ومع أنه يهدم هذه النظرية أن كارثة كورونا أصابت بشكل أكبر الدول الغنية المتقدمة أكثر من الدول الفقيرة، فقد قيل أيضا إنهم في بعض الدول الأوروبية تعمدوا إهمال التصدي للفيروس لتركه يصيب أكبر نسبة من كبار السن، الذين يعطلون انطلاق الشباب، والذى يعارض نظرية المؤامرة أن كارثة كورونا تهدد كل العالم في وقت واحد، وهو ما لم يحدث من قبل في أي وباء سبق، بالإضافة إلى أنه يصعب إثبات أن هناك قوة أو جهة معينة ستخرج فائزة من هذا الوباء، فالجميع مصابون ومنهزمون، فمن المستفيد من المؤامرة؟
الدور على مين؟
سياسيون وفنانون وإعلاميون ورياضيون، وأعداد أخرى من المشاهير أصابتهم لعنة كورونا، فالموجة الثانية تختار بعناية، ولا تفرق بين غني وفقير، وتنزل كالصاعقة فوق رأس من يقع عليه الدور. وبات السؤال فعلا: الدور على مين؟ ويقول كرم جبر في «الأخبار» بأنه ليس خائفا لكنه قلق، كثيرون ممن أصيبوا بكورونا كانوا يتخذون إجراءات احترازية مشددة، ولا يختلطون ولا يصافحون ولا يرتادون الأماكن المزدحمة، ولا تفارق جيوبهم زجاجات الكحول الصغيرة والمطهرات، ورغم ذلك تحايل الفيروس اللعين على كل ذلك. كثيرون كانوا في حالة طبيعية، وفجأة حدثت سكتة مفاجئة في الشم والتذوق، بالضبط كمن يسحب فيشة كهرباء فانقطع التيار فجأة، ولم تنجح الأطعمة اللاذعة ولا العطور الصارخة في استعادة الوعي. نقلق على أولادنا، رغم أنهم أكثر قلقا على أنفسهم منا، لكن لا نستطيع أن نفرض عليهم الحظر الإجباري، خصوصا أن المدارس والجامعات وأماكن العمل، لم تغلق أبوابها، وصاروا مجبرين على الخروج من منازلهم. وكان الله في عون متخذي القرار، فهم حائرون بين أمرين أحلاهما مرّ: إما الجوع أو كورونا.. الجوع لكثير من العاملين باليومية ورزقهم على الله، وكورونا التي لا ترتدع إلا بالعزل التام والغلق والاحتماء بجدران البيوت. الحمد لله كان الله رؤوفا رحيما بنا في الموجة الأولى، فرغم فداحة الإصابات وقسوتها، إلا أن الأمور لم تخرج عن المعدلات العالمية، لأن الفيروس جاءنا منهم.. من هناك بلاد العلم والطب والتقدم المذهل في كل شيء. كورونا لا يعترف بالتقدم المذهل الذي حققته البشرية في مجال الطب والصحة العامة، ولا أن متوسط الأعمار قد ضرب أرقاما قياسية، ولا بتحسن الحالة الصحية في كثير من الدول، وقرر أن ينسف كل ذلك بفيروس غامض يتحور يوما بيوم، ويتغير ويتبدل، وكأنه يلبس «طاقية الإخفاء». الدور على مين ؟ صار سؤالا يؤرقنا.
إنجازات لا تنتهي
القاعدة التي وضعتها الحكومة لنفسها هذه الفترة، كما يرى محمد أمين في «المصري اليوم» أنها لا ترضى بأقل من التفوق ولم تعد تسمح بأي حاجة والسلام.. فالدكتور مصطفى مدبولي حين تابع الترتيبات النهائية استعدادا لافتتاح بطولة العالم لكرة اليد، أكد على أن الافتتاح سيكون على أعلى مستوى، وحين تقيم الحكومة أي مشروع في العاصمة الإدارية، تصر أن يكون على أعلى مستوى.. وأن يكون التصميم بمواصفات عالمية.. وكأنها ستدخل مسابقة، وتسعى لدخوله موسوعة غينيس. معناه أن الحكومة عينها على صورة مصر في الخارج، وتسعى لتغيير الصورة النمطية التي عرفت عن استسهال المصريين، أو حالة الفهلوة التي عرفنا بها، وأعتقد أن الرئيس السيسي كان مشغولا بتغيير الصورة عن طريق الفعل على الأرض.. فالتغيير بالإعلام دون فعل، دعاية كاذبة لا تسمن ولا تغني من جوع وليس الإعلام، لكن التغيير بالفعل لا يحتاج إلى دعاية. البعض يضايقه أن مصر تقيم أعلى برج وأكبر كنيسة وأكبر مسجد وأكبر عاصمة، لا أعرف ما الذي يضايقهم بالضبط؟ ومنهم من يتحدث عن الأولويات.. وأقول وما الذي يضيرك أن نعمل أحسن حاجة، وأعلى برج.. إننا نفاخر بالحضارة التي تركها لنا الأجداد، ونعيش عليها حتى الآن.. وقد ذهب أخناتون إلى تل العمارنة، وأنشأ هناك العاصمة الإدارية الحديثة، وساعتها ربطت بين ما فعله أخناتون وما فعله السيسي في منطقة شرق مصر. وقد أدى هذا التحرك نحو الشرق لإنشاء العاصمة، أنه مدّ الطرق العالمية لخدمة العاصمة، ولك أن تستخدم طريق الإسماعيلية العالمى أو السويس، وتعرف الفرق قبله وبعده.. وكلها تنشئ الإشارات إلى العاصمة الجديدة.. إنها الدعوة التي وجهها معظم الكتاب للخروج من القاهرة، والتوسع أفقيا على مساحة مصر.. فلما جاء السيسي ونفذ هذه الأفكار تحدثنا عن الأولويات.. اركبوا هذه الطرق سوف تشعرون بالفخر والفرق فعلا.
نحتاج لهذه
سأل عصام كامل في «فيتو»: «هل يمكن تصور أن تكون لدينا مؤسسة تحت مسمى «هيئة الرقابة على الأخلاق العامة».. يكون من حقها أن تراقب الأخلاق العامة، على أن يكون دور الهيئة إرشاديا أو تنبيهيا، دون التطرق إلى الحياة الخاصة التي يحميها القانون، أما ما يخص الناس فهو حق لهم في الرقابة عليه دون المنع. قديما كان المجلس الأعلى للصحافة يراقب أداء الصحافة، إزاء قضايا بعينها ويصدر تقريرا حول هذا الأداء تلتزم بنشره الصحف كافة، بما فيها الصحف التي تقع في المحظور، ونشر الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية لخطاياها أكبر عقوبة يمكن أن تعاقب بها وهو ما يسمى شعبيا بـ«التجريسة» إذ يكفى أن يعرف القارئ من الصحيفة التي يتابعها أنها وقعت في أخطاء مهنية أو أخلاقية، أثناء تناولها لقضية ما تشغل الرأي العام. خذ مثلا: عندما تظهر ممثلة جل أعمالها أنها تتفنن في ارتداء فساتين شبه عارية، وهي تتحدث عبر أحد البرامج عن مؤخرتها ومؤخرة زميلاتها في الوسط الفني.. بماذا نسمي هذا؟ فنا.. حرية.. عتها.. سفها.. لا أظن أن له اسما يمكن أن ينطبق عليه إلا.. لا علاقة للفن أو الحرية بالحديث عن المؤخرات، ولا علاقة للرياضة بما عشناها لسنوات مضت كانت تبدأ بالحديث عن «الأم» أو ضرب بالجزمة، أو «بلد ليس فيه رجال». النتيجة الطبيعية أن العالم العربي وغير العربي يتابع تلك المشاهد الصادرة من دولة صدّرت للعالم العربي قيما أخلاقية عظيمة، على مدار عقود متتالية، فتكون النتيجة أن الصورة الذهنية عن مصر العظيمة ليست عظيمة بالمرة.. ماذا يحدث؟ عندما يستمع العرب إلى أغنية عنوانها «هاتي بوسة يا بت» ومن أجل ذلك يرى الكاتب إننا في حاجة إلى مؤشر عام لرقابة ما يمكن أن يصدر عن فنانين ومطربين وصحافيين وسياسيين، أمام الرأي العام العربي، على أن تكون العقوبة الأكبر هي التجريسة».
أفول شمس الكبار
بالأمس القريب تناولت وسائل الإعلام مقاومة شرسة من شركتي «كوكاكولا» و«نايكي» العابرتين للقارات، لقانون جديد يفرض غرامات قاسية على المنتجات الأمريكية التي نشأت في منطقة «شينجيانغ» الصينية التي تسمح بعمالة الأطفال. التشريع الذي يبدو كما أشار مدحت نافع في «الشروق» في ظاهره عملا إنسانيا محضا، يشف في جوهره عن صراع تجاري محتدم بين المنتجات التي غزت الأسواق الأمريكية رخيصة الثمن، والمنتج الأمريكي، الذي يتكبّد أجورا مرتفعة نسبيا للعمالة في دولة الرفاهة. أي محاولة لفرض رسوم تجارية وموانع استيراد، كما حدث من قبل مع منتجات الحديد والألومنيوم، سوف تشعل حروبا تجارية جديدة، وتثير غضبا شعبيا أمريكيا، لأن المستهلك الصناعي والمستهلك النهائي كلاهما يفضل المنتج الرخيص، هنا يأتي دور التشريعات المحتمية بحقوق الإنسان ومبادئ التنمية المستدامة وحقوق المنافسة، وغيرها لإعادة التوازن بصفة عاجلة وقسرية للأسواق، التي صارت دورتها الاقتصادية قصيرة نسبيا، بعد أن تمتص السيولة منها شركات صغيرة ومتوسطة، سرعان ما يتم الاستحواذ عليها، أو دمجها، أو حتى تصفيتها بمجرد أن ينتفي الغرض من استمرارها، قبل أن تنتبه السلطات القضائية والتشريعية إلى مخاطرها. شركات النقل التشاركي والنقل الذكي خاضت بدورها معارك طاحنة في الشرق والغرب. تفكيك تلك الشركات صار مطلبا لرابطات سائقي السيارات الأجرة في معظم البلدان، نظرا لتحملهم أعباء ضريبية، لا تتحملها تلك الشركات المنافسة، الحل في عدد من الدول كان بالحظر الفوري لنشاط تلك الشركات».
أيام مارك الأخيرة
منذ أيام بدا والكلام لمدحت نافع في «الشروق» أن مصير موقع التواصل الاجتماعي الأشهر «فيسبوك» لن يختلف كثيرا عن مصير شركات «ستاندرد أويل» و«مايكروسوفت» و«كوكاكولا».. وأن عملاق التواصل الاجتماعي يواجه احتمالات التقسيم وغرامات موجعة ناتجة عن ممارسات احتكارية، وعن تفضيل عمالة الأجانب، على حد زعم أصحاب الدعاوى. دعاوى الانقضاض على مارك زوكيربرج، مؤسس فيسبوك تتحرّك بأذرع حكومية، وتتبناها ولايات مختلفة. فقد رفعت عشرات الولايات والحكومة الفيدرالية دعاوى قضائية مزدوجة لمكافحة الاحتكار ضد شركة فيسبوك، زاعمة أنها أساءت استغلال هيمنتها في السوق الرقمية، وانخرطت في سلوك مضاد للمنافسة، ووفقا لموقع «سي أن أن» عربية جاء ما نصه: «تسعى لجنة التجارة الفيدرالية على وجه الخصوص إلى إصدار أمر قضائي دائم في المحكمة الفيدرالية، يمكن أن يطلب من الشركة، من بين أمور أخرى، سحب الأصول، بما في ذلك أنستغرام وواتسآب، ما يؤدي إلى تفكيك فيسبوك بشكل فعال كما نعرفه». تلك إذن قواعد جديدة للعبة الاستثمار، في دول تنعم بالحرية الاقتصادية، وتتبنى مبدأ «دعه يعمل دعه يمرّ». الحرية لا تعني الفوضى، ولا تعني أن يستمر الخلل في توزيع عوائد الاستثمار على نحو يهدد السلم الاجتماعي، ويرفع معدلات الفقر بوتيرة غير مقبولة. اليد الخفية للحكومات تحوّلت إلى يد ظاهرة عنيفة في كثير من الحالات. الدورات الاقتصادية السريعة لم تعد تمهل الحكومات زمنا كافيا للتأثير في قوى السوق عن بعد. كذلك فإن المرونة العالية التي تتمتع بها الشركات الحديثة، والتغيير المستمر في جلدها جعلها تنجو سريعا من أي ملاحقات لو لم تكن قبضة الدولة حاضرة سريعة.فعلى سبيل المثال ظلت مصافي «روكفلر» تسيطر على الأسواق، وتخرج من المنافسة عددا من الشركات الصغيرة والمتوسطة على مدار سنوات، قبل أن يتم تفكيكها. تلك الرفاهية لم تعد متاحة للشركات العملاقة اليوم، كونها تتمدد بسرعة فائقة، وتغزو الأسواق عابرة للحدود حتى تلتهم السيولة بمعدلات غير مسبوقة، وتتمكّن من الاستمرار باستخدام حيل قانونية، يتقنها محاموها الذين يحصدون ملايين الدولارات سنويا، مقابل إتقان مهاراتهم الفائقة في هزيمة أغلب مؤسسات الدولة والهروب من ملاحقتها.لعلها تحيا
لا أحد ينكر الظروف الصعبة التي تمرّ بها وسائل الإعلام، خاصة الصحف اليومية، ويرى علاء عريبي في «الوفد» أنها تعاني مثل سائر المشروعات من مشاكل اقتصادية، حيث تأثرت الإعلانات وانخفضت نسبة التوزيع، وأصبحت أغلب الصحف مهددة في استمرارها، واحتدمت الأزمة واشتدت بعد قرار تعويم الجنيه، حيث تضاعفت أسعار الورق والأحبار، يجب أن نعيد النظر في مفهومنا لإصدار الصحف، وأن نميز جيدا بين حرية التعبير وحرية الإصدار، فالصحف صناعة مثل سائر الصناعات، وتحتاج إلى وضع ضوابط تضمن استمراريتها وتحقيقها لأرباح، خاصة أن القانون تعامل معها مثل أي نشرة يمكن إصدارها وإغلاقها في أي وقت، فقد سهلت المواد وتساهلت بشكل كبير في إنشاء الصحف، لدرجة جعلت من هذه الصحف مجرد سبوبة تصدر لفترة يحقق خلالها المالك أو الملاك مصالحهم وأجندتهم، ثم يغلقون الجريدة ويلقون بالصحافيين والعاملين إلى عرض الطريق. اقترح الكاتب إيداع مبلغ في البنك كوديعة تكفي أرباحها نفقات الإصدار اليومي أو الإسبوعي أو الشهري، تشمل: المرتبات، الطباعة، التأمينات، مشروع العلاج، صندوق الزمالة، العلاوات، المكافآت، الخدمات: السيارات، التليفونات، الكهرباء، المياه، الأوراق، الأحبار، ما يلزم القسم الفني، وغيرها من المستلزمات اليومية. وتقدر الوديعة في اليومي بـ200 مليون جنيه، تكفي أرباحها السنوية نفقات إصدار يومي، و150 مليون لإصدار أسبوعي، و100 مليون للإصدار الشهري. واشترط الكاتب عدم قبول من يعملون في الجريدة في عضوية النقابة، إلا بعد سنتين من الصدور المنتظم كشرط الجدية والاستمرارية. كما دعا لعدم التوسع في المصروفات بما يفوق قيمة أرباح الوديعة، وزيادة قيمة الوديعة بما يتوافق وقيمة التوسعات المطلوبة. ودعا عريبي لتوزع الأرباح إن وجدت كالتالي، الثلث لزيادة الوديعة، والثلث للملاك، والثلث للعاملين كأرباح سنوية. أما في حالة تفكير المالك أو الملاك أو الورثة في إغلاق الجريدة، فيتم التالي: تقسيم الوديعة بين الملاك والعاملين مناصفة، أو السماح للعاملين بشراء نصيب الملاك، أو إدخال ملاك جدد مقابل تسديد نصف قيمة الوديعة للمنسحبين أو المؤسسين.
إلهام شرفتنا
في زمن صحافة وإعلام الترندات، ينصحك مختار محمود في «صوت الأمة» ألا تسأل عن القيمة، ولا تبحث عن المحتوى. هذا ما يمكن رصده بسهولة في قصة نجاح الباحثة المصرية إلهام فضالي التي حققت مؤخرا إعجازا علميا فريدا، وسط صمت إعلامي مريب، وتجاهل صحافي معيب. الباحثة المصرية وطالبة الدكتوراه في الفيزياء التطبيقية في جامعة أيندهوفن، إلهام فضالي، التي لم تبلغ الثلاثين عاما بعد، استطاعت أن تنال تقديرا عالميا كبيرا، كان آخره حصولها – إلى جانب زملائها- على جائزة إنجاز العام (2020) في الفيزياء من مجلة «physics world» المرموقة. في إبريل/نيسان الماضي، نشرت «دورية نيتشر» رفيعة المستوى بحثا علميا لفضالي مع فريق من الباحثين من الجامعة الهولندية، اعتمدت فلسفة البحث على أن مادة السيليكون – المُصنعة من الرمال- لها خصائص إلكترونية جيدة، إلا أنها غير قادرة على إشعاع الضوء بشكل كبير. ومن هذه النقطة.. انطلقت فضالي وفريقها العلمي نحو العمل على تغيير خصائص مادة السيليكون؛ حتى تكون قادرة على انبعاث الضوء، ومن ثمَّ.. نقل البيانات عبر الضوء، سواء على الهواتف أو الأجهزة الإلكترونية، وهو إنجاز علمي هائل يفتح الطريق نحو مفاهيم الأجهزة المتكاملة، وتقنيات معالجة المعلومات، حسب الدورية المذكورة سلفا. المسيرة العلمية للعالمة المصرية الشابة انطلقت من شمال صعيد مصر، وتحديدا من محافظة بني سويف، عندما حصلت علي منحة تنمية وإعداد القادة لدراسة البكالوريوس في الجامعة الأمريكية في القاهرة عام 2008، وتخرجت في قسم هندسة الإلكترونيات عام 2013 بامتياز مع مرتبة الشرف الممتازة، وأثناء دراسة البكالوريوس حصلت على منحة من الجامعة لدراسة فصل دراسي في جامعة دريكسل في ولاية بنسلفانيا الأمريكية. لم تكتفِ فضالي بما حققته في ريعان شبابها، فقادها شغفها لتحصل على منحة من المفوضية الأوروبية لدراسة درجة الماجستير المزدوجة في علوم النانوتكنولوجي «تخصص الإلكترونيات الدقيقة» من جامعتي «لوفن» الكاثوليكية و«تشالمرز» للتكنولوجيا في السويد في الفترة من سبتمبر/أيلول 2013 حتى سبتمبر 2015.
تواضع العلماء
تابع مختار محمود رصده لمشوار الباحثة المرموقة: «بعد حصولها على درجة الماجستير، عملت فضالي باحثة في قسم العلوم التطبيقية في المجموعة البحثية الخاصة بأبحاث الحوسبة الكمية، في جامعة «دلفت التقنية» في هولندا لمدة عام ونصف العام في الفترة من سبتمبر/أيلول 2015 حتى يناير/كانون الثاني 2017، ثم بدأت رحلة الدكتوراه في فبراير/شباط 2017 في جامعة «أيندهوفن التقنية» الهولندية في قسم الفيزياء التطبيقية، وما زالت تعمل باحثة وطالبة دكتوراه؛ في عامها الأخير في رحلة الدكتوراه. أما بالنسبة للبحث الفائز، فإن الفوائد التي ستعود على البشرية منه كثيرة، إذ يمكن استخدام نتائجه في المستقبل، لنقل البيانات عن طريق الضوء، ما بين الشرائح الإلكترونية في الحواسيب الآلية، والأجهزة وبعضها في مراكز البيانات، التي تتطلب سرعة فائقة في نقل البيانات، وليس هناك سرعة فائقة في الكون أسرع من الضوء، كما يمكن استخدام التقنية الجديدة في تطبيقات مثل: السيارات ذاتية القيادة، التي تعتمد على الإشارات الضوئية في مجال الأشعة تحت الحمراء غير الضارة بعين الإنسان، التي تستخدم في مسح الأشياء والأشخاص حول السيارات لمسافات طويلة أثناء القيادة. يمكن أيضا استخدام هذه التقنية في تطبيقات المستشعرات، أو المجسات البيولوجية للكشف عن المركبات التي لها بصمة في مجال الأشعة تحت الحمراء. وبلغة العلماء الذين يزيدهم النجاح تواضعا وثقة وتهذيبا.. أعربت فضالي في تصريحات إعلامية عن شعورها بمزيج من الفخر والمسؤولية، بعد تحقيق هذا الإنجاز الذي كان يتطلع له العلماء منذ خمسة عقود، كما أعربت عن سعادتها بتوفيق الله، حتى تُعطي مثالا ونموذجا طيبا للعرب والمصريين، خاصة في مجال صعب مثل مجال الفيزياء.