فرنسا وإسرائيل.. أي لوبي صهيوني؟ (5): إسرائيل في قلب جهاز الدفاع الفرنسي
A Decrease font size.A Reset font size.A Increase font size.
جان ستارن* – (أوريان 21) 30/3/2021ثمة اعتقاد بأن اللوبي الإسرائيلي يضاعف نفوذه في فرنسا. لكن الرأي العام الفرنسي يبقى مرتابا ويواصل في غالبه إبداء تضامنه مع القضية الفلسطينية.
فهل يمكن أن نتحدث عن شبه إخفاق لدوائر التأثير العديدة المساندة لإسرائيل في البلد؟
كيف يمكن الحديث عن نجاحات وسخط وخيبات للوبي متعدد الفاعلين، وماذا عن الأسئلة العديدة التي تثار حول شكله وحقيقته؟
من معارض التكنولوجيا حتى الضواحي الفرنسية، ومن السهرات الراقصة إلى الشراكات “السرية للغاية”، ومن البرلمان الفرنسي إلى مجلس مدينة باريس، يبدو هذا اللوبي كثير النجاحات.
ويعرض هذا التحقيق المتسلسل عمل هذا اللوبي ووسائله والمروجين له. وبشكل عام، لا يوجد جيش مجند من أعضاء اللوبي في باريس مثل ذلك الذي نجده في واشنطن.
فأنصار إسرائيل في فرنسا هم شخصيات مختلفة، من اليمين أو اليسار أو الوسط، ووجوه إعلامية تجيد استعمال مغالطات الجدل القائم حول مناهضة الصهيونية ومعاداة السامية، لإقصاء أولئك الذين يواصلون -رغم قلة الآذان الصاغية- النأي بأنفسهم عن سياسة اليمين الإسرائيلي الحاكم.
ضمن هذا الخليط من الأفراد والجهات التي تعمل على تعزيز العلاقات بين البلدين، وفي ستار من الغموض التام، يتعاون عسكريون ومهندسون فرنسيون وإسرائيليون على تصميم حرب المستقبل، التي تجمع بين القيادة الرقمية، والطائرات من دون طيار والروبوتات.
كل ذلك على الرغم من كون البلدين متنافسين أيضًا في مجال مبيعات الأسلحة، خاصة في إفريقيا.
* *إذا كانت فرنسا ثالث أكبر مصدّر للأسلحة في العالم، فإن إسرائيل تحتل حاليًا المرتبة الثامنة، وهو “إنجاز” مهم إلى حد ما بالنظر إلى حجم هذه الدولة.
وإذا كانت بين البلدين علاقات ودية في العديد من المجالات، فإنها تبدو أكثر تطوراً في مجال الدفاع.
ويعود ذلك من جهة إلى كون المصنِّعين في البلدين يجدون أنفسهم في بعض الأحيان في وضعية المتنافسين، كما يشتهر الإسرائيليون بـ”كسر” الأسعار من أجل الاستيلاء على أسواق السلاح.
ومن جهة أخرى -وعلى وجه الخصوص- لأن الإسرائيليين ينظرون بإصرار في اتجاه سوق تقليدية للجيش وتجار السلاح الفرنسيين؛ إفريقيا. ومنذ اتفاقيات أوسلو، استثمرت إسرائيل كثيرا في القارة الإفريقية، لا سيما في مجال “حماية” السلطات القائمة.
صحيح أن ضباطا وعملاء فرنسيين وإسرائيليين يتعاونون بتكتم في بعض الجبهات، كما هو الحال مع الجيش الكاميروني الذي يقاتل في شمال الكاميرون ضد مجموعة “بوكو حرام”، ولكن حتى في ياوندي نفسها عاصمة البلاد -وأحد أعمدة ما يسمى بالـ”فرانسافريك”، يقوم مرتزقة إسرائيليون منذ مدة طويلة بتأطير كتيبة التدخل السريع (BIR)، وهي وحدة نخبة تعمل تحت قيادة الرئيس بول بيا.
وتقوم الشركات الإسرائيلية بتجهيز كتيبة التدخل السريع، خاصة بالبنادق هجومية. وكم شأن هذا إزعاج الصناعيين الفرنسيين الذين تعد الكاميرون زبونا تقليديًا لديهم.
ويقول مهندس في القطاع العسكري: “نحن في تنافس كبير في السوق الإفريقية، لكننا في الوقت الحالي متجاوزون.
لقد أخذت إسرائيل الأسواق في المناطق الخطرة مثل نيجيريا، والبحيرات الإفريقية، وزيمبابوي، ومالاوي. من جهتنا، يبدو أن صفوف الصناعيين -لا سيما تاليس وسافران- منقسمة، في حين أن الإسرائيليين متحدون جداً”.
وأخيرًا -وربما الأهم- يعود هذا الوضع إلى كون العلاقة قد انعكست. ففي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كانت فرنسا تبيع الأسلحة لإسرائيل.
أما اليوم فإسرائيل هي التي تبيع لفرنسا أنظمة المراقبة الإلكترونية والطائرات من دون طيار -وحتى الجنود الآليين. وهذا مزعج بعض الشيء للعزة المفرطة لعسكريي وصناعيي قطاع الدفاع الفرنسي.
وإذا كان (أعضاء جماعات الضغط في “إلنت”- 4471) وممثلو التجارة الفرنسية-الإسرائيلية لا يكفون عن الإشادة بجودة “الحوار الاستراتيجي” بين البلدين -والذي يمكن ترجمته من دون لغة معقدة على النحو الآتي: “من يبيع أي أسلحة ولمن عليه أن لا يدخل على مجالي”- فإن الأصوات تصبح خافتة جداً عندما يتعلق الأمر بالحديث عنها بدقة أكبر.
ويقول أحد النواب: “آه، لا، لن أعطيكم أرقامًا، أولا لأنني لا أعرفها في الأساس”.
وتضيف سيدة منتخبة أخرى: “تعلمون، كل هذا يجري من تلقاء نفسه ولا نعرف الكثير”. ويشرح آري بن سمحون، مدير “إلنت” فرنسا: “هناك تبادل معلومات”.
ويضيف من دون مزيد من التفاصيل: “على المستوى العسكري والاستراتيجي ومكافحة الإرهاب، التعاون جيد بين البلدين”. ومن جانبه يلاحظ باتريس بوفيريه، من مرصد التسلح: “إن الغياب الواضح للشفافية الذي يميز المجال العسكري -تحت غطاء سرية الدفاع التي تساير”السرية التجارية”- إشكالي بصفة خاصة”.
شركة أنظمة “إلبيت” تطور الوصلة الرقمية لبرنامج “سكوربيون”
وهكذا لا يعرف النواب المنتخبون ولا الجمهور العريض على السواءإسرائيل في البرنامج الخفي المسمى “تآزر الاتصال المعزز بتعدد الاستخدامات وتثمين المعلومات” (أو “سكوربيون” أي “العقرب”)، وهو برنامج سيكون في قلب استراتيجية القوات البرية الفرنسية للعشريات المقبلة.
يتمثل الجانب المرئي من هذا البرنامج في تجديد المركبات المدرعة، مع إطلاق المركبة المدرعة “غريفون” التي سيتم نشرها في الساحل في خريف العام 2021.
لكن محرك برنامج “سكوربيون” يتمثل في تطوير قيادة رقمية واحدة تعتمد على وصلة مشتركة تسمح للجنود المنتشرين في الميدان، وكذلك للأدوات العسكرية الجديدة مثل الطائرات من دون طيار والروبوتات، بأن تكون متصلة في وقت واحد لتستبق بذلك ردود فعل العدو.
وتشرح متخصصة: “سنجد في قلب حرب المستقبل جندياً بحمولة أخف.
حمولة الجندي اليوم قد تصل إلى 38 كيلوغرامًا مقابل 40 كيلوغرامًا خلال حرب 1914-1918. وما يزال هامش التحسين كبيراً.
وفي نهاية المطاف، لن يكون مع الجندي سوى شاشة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وبندقيته وقنينة الماء الخاصة به.
وسيتم توجيهه بواسطة الوصلة الرقمية وستساعده طائرات من دون طيار للحصول على رؤية واسعة و”بغال-روبوت” لنقل الأحمال الثقيلة وإجلاء الجرحى عند الحاجة”.
وإذن، ستكون المعلومات المتاحة للجندي على جهاز تحديد المواقع الخاص به عبر “سكوربيون” حاسمة، وتطوير الوصلة الرقمية هو في صميم التعاون الفرنسي الإسرائيلي السري.
وتتابع المتخصصة: “الفكرة المركزية في برنامج “سكوربيون” هي الحرب من دون ضوضاء، وتفادي حرب الدم إذا أمكن ذلك، أي أن يكون هناك أقل عدد ممكن من القتلى الجنود.
وينظم “سكوربيون” التشغيل المتوافق بين دبابة وسفينة ودراجة نارية وطائرة من دون طيار وروبوت وجندي على الأرض.
وهو برنامج مهم للغاية، يشارك فيه كبار مصنعي الأسلحة الفرنسيين، ولكن أيضًا شركة “إلبيت” الإسرائيلية التي اكتسبت خبرة كبيرة في مجال الأنظمة المستقلة”.
“إنهم يدمجون تقنيات الطائرات بلا طيار في الطبيعة”
اكتسبت إسرائيل هذه الخبرة التي تسهل التحليل التفصيلي لميدان معركة معين بفضل طائراتها من دون طيار المنتشرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتضيف المهندسة: “إسرائيل تتقدم في ثلاث نقاط رئيسية.
أولاً، محو ضجيج المحرك الصوتي للطائرات من دون طيار. وهذا تقدم كبير.
نحن بصدد تحقيق إخفاء الضجيج، وهو موضوع نعمل عليه كثيرًا أيضًا في فرنسا”.
ثم هناك تصغير حجم الطائرات من دون طيار. الطائرات-الحشرات من دون طيار التي تثير مرحنا في أفلام جيمس بوند موجودة فعلاً، وقد تم اختبارها من قبل الجيش الإسرائيلي في غزة. وتؤكد المتخصصة بأنهم “يدمجون مجال تقنيات الطائرات من دون طيار في الطبيعة”.
وأخيرًا هناك محو الآثار الرقمية وتحديد إشارات “العدو” الإستراتيجية، لأن القيادة الرقمية هي في قلب برنامج “سكوربيون” أو “العقرب”.
وتواصل الخبيرة: “يجب ألا تكشف عن نفسك، وأن تكشف في الوقت نفسه عن الطرف الآخر.
يعرف الإسرائيليون كيف يختبئون، وتحديد الأماكن، والتفسير، والتحليل، والتشويش.
والفكرة هنا أيضا هي أن تكون غير مرئي وشديد الصمت.
إن ما يؤسس شراكتنا مع إسرائيل هي تلك الاختراعات البسيطة، التي عمل على إنجازها أفضل المهندسين الذين اكتسبوا خبرتهم من المراقبة والقمع في الأراضي الفلسطينية وغزة”.
يعد برنامج “سكوربيون” مهمًا جدًا لصناعة الدفاع الفرنسية لأن البرنامج لن يكون حكرا على الجيش الفرنسي، بل سيتم تصديره. وليس من المستغرب أن نعرف أن أول زبون هو أبو ظبي، إذ لطالما كانت الإمارات العربية المتحدة وفية للأسلحة الفرنسية، ومؤخراً صديقة لإسرائيل أيضًا.
خارج الإحصائيات الرسمية
خارج برنامج “العقرب”، الذي لا تُعرف تكلفة المهندسين الإسرائيليين لشركة “إلبيت” المشاركين فيه، يراقب البرلمان الفرنسي حجم تبادلات الأسلحة. خلال الفترة 2010-2019، بلغت قيمة الأسلحة التي سلمتها فرنسا لإسرائيل حسب التقرير الذي قدمته وزارة الدفاع الفرنسية إلى البرلمان، 208 ملايين يورو.
وهو مبلغ ضئيل جداً مقارنة بالمبيعات إلى السعودية (8.7 مليار) والإمارات العربية المتحدة (4.7 مليار) وقطر (4.1 مليار) أو إلى مصر (6.6 مليار).
وبالمقابل، لا يُعرف مبلغ مبيعات إسرائيل لفرنسا من الأسلحة والأنظمة الأمنية للجيش والشرطة. ويجعل التعتيم الذي يميز سوق الأمن السيبراني على المستوى العالمي، والذي تلعب فيه إسرائيل دورًا رئيسيًا، من الصعب التكهن بحجم المبيعات.
ويعلق هنري كوكيرمان، رئيس غرفة التجارة والصناعة الفرنسية الإسرائيلية، على الأمر بكل جدية قائلا: “الشراكات العسكرية والأمنية لا تدرج في الإحصاءات الرسمية”.
نقطة تحول سنوات الألفية
قبل أن تصبح الدولتان مهووستين بالتكنولوجيا الرقمية، أعيد إطلاق التعاون العسكري بين البلدين في بداية سنوات الألفية في قطاع الطائرات من دون طيار. يوضح خبير عسكري: “لم تكن فرنسا متقدمة جدًا في هذا المجال في ذلك الوقت.
وكان عليها أن تحرز تقدمًا في مجال حروب المدن، وهي مسألة حساسة بشكل خاص في إفريقيا، حيث يعد استعمال طائرات الهليكوبتر حلا مكلفا وصاخبا للغاية.
وكانت إسرائيل آنذاك سيدة في ميدان الطائرات من دون طيار.
وحتى لو كانت الميكانيكا ألمانية غالبا والمكونات صينية أو فرنسية، فإنهم يعرفون كيف يصممون ويجمِّعون آلات عالية الأداء”.أمام مأزق واضح لصناعتها، كانت فرنسا بحاجة ماسة إلى تجهيز نفسها بطائرات مستوردة من دون طيار.
وخلافا للاعتقاد السائد، ليس الرئيس نيكولا ساركوزي، المعروف بمشاعره المؤيدة لإسرائيل، هو من تسبب في هذا التحول الأساسي في العلاقة السياسية العسكرية من خلال السماح للجيش بتجهيز نفسه بطائرات من دون طيار إسرائيلية.
يشرح فريديريك إنسيل، الذي عمل “مستشارًا” لـدى “هيئات معتمدة” في وزارة الدفاع، أن التغيير الحقيقي “حصل في ظل حكم جاك شيراك ودومينيك دو فيلبان في 2005-2006.
كان شيراك معجبا بأرييل شارون الذي وفى بوعده بإخلاء المستوطنات الإسرائيلية في غزة صيف العام 2005.
وأقنع رئيس الوزراء دو فيلبان الرئيس شيراك بأن الدول العربية لا يمكن الاعتماد عليها، وأن فرنسا متخلفة في مجال الطائرات من دون طيار. وببراغماتية شيراك، تم توقيع الاتفاقيات التجارية بتكتم”.
كانت تلك أيضا هي اللحظة التي باشر فيها شيراك، بعد الحرب في العراق، التقرب من إسرائيل لتسهيل الحوار مع الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين، اشترت فرنسا طائرات إسرائيلية من دون طيار وسوقتها تحت نظام الترخيص.
وسمحت هذه الاتفاقيات مع “داسو” و”إيرباص” و”ساجيم” (التي أصبحت فيما بعد شركة “سافران”) أيضًا بشراء طائرات من دون طيار إسرائيلية من طراز “إيغل” في 2007 و”هيرون” في 2009 و2010.
وقد اغتنم دو فيلبان وشيراك هذا التجديد للتعاون العسكري للترخيص ليوروكوبتر (وهو فرع تابع لشركة إيرباص) ببيع ست طائرات هليكوبتر من طراز “بانثر” للبحرية الإسرائيلية، والتي أعادت تسميتها “أتالف” (الخفاش).
وكل من هذه الطائرات الباهظة الثمن -بما في ذلك الصواريخ- وتكلف عشرات الملايين من اليوروهات.
وستبيع الشركة الأوروبية الرائدة في مجال الصواريخ “إم بي دي إيه”، والتي تمتلك شركة “إيرباص” فيها حصة متساوية “مع بي إيه إي” البريطانية (37.5 % من رأس المال لكل منهما)، إلى إسرائيل ذخائر موجهة عن بعد وصاروخ “سبايك” المضاد للدبابات.
ساركوزي يدفع التعاون الشُّرَطي
يوضح سفير سابق بأنه قبل خلافه مع بنيامين نتنياهو وعند وصوله إلى قصر الإليزيه في العام 2007، لم ير نيكولا ساركوزي نفسه “ملزما بثقل حركة وزارة الخارجية ومخاوف كبار الضباط”.
أطلق ساركوزي “الحوار الاستراتيجي” الفرنسي الإسرائيلي في العام 2008، وهو لقاء سنوي يركز على تبادل المعلومات بين عسكريي وجواسيس البلدين.
وكان وزير الداخلية، الذي أنشأ منصب الملحق الأمني في السفارة الفرنسية بتل أبيب في العام 2006، يريد قبل كل شيء تطوير التعاون البوليسي بين البلدين.
ووقع خلال زيارته الرسمية في حزيران (يونيو) 2008 اتفاقية تتعلق بمكافحة الجريمة والإرهاب.
وقد أثارت هذه الاتفاقية ذات المعالم الغامضة العديد من التحفظات في البرلمان ولم تتم المصادقة عليها. ومع ذلك، سيتم إقامة تعاون بوليسي بين البلدين في تكتم شديد، من خلال اجتماعات دورية وتبادل للمعلومات.
من جانب الصناعة العسكرية، تتكثف الأعمال لإنتاج الطائرات من دون طيار.
ويوضح مهندس في الأسلحة بأن “لكل طائرة من دون طيار خصائصها واستعمالاتها لمراقبة الأراضي أو للعمليات الأكثر هجومية”.
والنموذجان الاسرائيليان الأكثر نجومية في السوق هما في الأول “هيرميس 900” لشركة “إلبيت”، المسوق منذ 2012، وقد تم بيعه للمكسيك وكولومبيا والبرازيل وتشيلي، وأيضًا في سويسرا وأذربيجان، وهو مخصص للمراقبة وقمع “أعمال الشغب”.
والنموذج الآخر هو “هيرون” الذي تنتجه شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، وهو يباع في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المغرب وتركيا. وتتمثل ميزته الرئيسية في وقت الطيران الذي يصل 48 ساعة من دون توقف.
وقد شكلت هذه الطائرات من دون طيار أساس التعاون بين “تاليس” و”إلبيت” بخصوص نماذج “واتشكيبر” و”هيرميس” وبين مجموعة “إيرباص” وشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية بخصوص نموذج “هارفانغ” و”هيرون-1″ و”هيرون-تي بي”.
وتدين الطائرة من دون طيار “باترولر” التي تصنّعها شركة سافران، بالكثير للاتفاقيات المبرمة بين شركة “ساجيم” (اسم “سافران” سابقًا) المبرمة في العام 2010 وشركة “إلبيت”.
وتستمر الأعمال، على المستويين الفرنسي والأوروبي.
في الآونة الأخيرة، قامت وكالة السلامة البحرية الأوروبية بتقديم طلبية إلى “كونسورتيوم” يتكون من شركة “إيرباص” من جهة وصناعة الطيران الإسرائيلية و”إلبيت” من جهة أخرى لتزويدها بطائرات من دون طيار من طرازات “هيرون” و”هيرميس” لتحديد موقع القوارب التي تنقل المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط. ووفقًا لصحيفة “غارديان” البريطانية، تقدر قيمة العقدين بنحو 50 مليون يورو لكل منهما.
بغال آلية إسرائيلية في منطقة الساحل
وأخيرًا، قدم الجيش الفرنسي طلبية إلى شركة “روبوتيم” الإسرائيلية لتزويده بروبوتات عسكرية معروفة باسم “Probot mules” أي “البغال الآلية”، المخصصة لنقل المعدات وإجلاء الجرحى.
وقد تم نشر هذه الروبوتات في منطقة الساحل في إفريقيا في صيف العام 2020 في إطار عملية “برخان”.
تؤكد مجلة “تشالانجز”، التي كشفت عن وجود هذا العقد، أنه كان محل معركة نفوذ ضارية في الكواليس بين مؤيدي “روبوتيم” وأولئك الذين كانوا يفضلون نموذجاً أنتجته المجموعة الفرنسية للمنشآت البحرية والصناعية المتوسطية، بشراكة مع المجموعة الإستونية “ميلرم” التي تنتج روبوت “تيميس”.
وهو نموذج ناجح يباع في العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ويبدو، حسب مجلة “تشالانجز” أن “روبوتيم” -المرتبطة بشراكة مع شركة فرنسية ذات هوية مزيفة- لجأت إلى كسر أسعارها لكسب الصفقة، وهي ممارسة معتادة لدى صناعيي قطاع الدفاع الإسرائيلي للفوز بالعقود.
ولكنها شنت أيضا، وفقًا لمصدر مطلع، حملة ضغط مكثفة.
كما يعود غضب الصناعيين وبعض العسكريين الفرنسيين إلى سبب آخر أيضاً.
فشركة “روبوتيم” التي باعت روبوتاتها أولا للجيش الإسرائيلي، قامت مؤخرا بجمع أموال من الصين وسنغافورة.
وتشعر الأوساط الدفاعية الفرنسية بالقلق من وجود تحالفات جديدة بين بعض الدول الأفريقية والصين وإسرائيل في مجال الأمن وبيع الأسلحة.
سلاح بحرية البلدين في المناورةيحدث كل هذا في الكواليس، وكل شيء على ما يرام رسميًا في مجال التعاون العسكري بين البلدين.
وتحب فرنسا التي تعد من كبار تجار الاسلحة، تنظيم المعارض التجارية: “يوروساتوري”، “يورونافال”، معرض باريس الجوي-لو بورجيه، وأيضا صالون “ميليبول” المخصص للحفاظ على النظام.
ومن جهتها، تحب إسرائيل أن تكون هناك لل. ووفقًا لبيانات جمعتها باتريس بوفيريه، كانت 51 شركة إسرائيلية حاضرة في معرض “يوروساتوري” في العام 2016، مقابل 17 شركة في العام 1998.
ويلاحَظ التقدم اللافت نفسه في صالون “ميليبول” حيث كانت 16 شركة إسرائيلية ممثلة في العام 1997 و57 شركة في العام 2015.
تقول مهندسة الأسلحة التي سألناها، إن الزملاء الإسرائيليين الذين تلتقيهم خلال هذه الصالونات “رجال لطفاء، وغالبًا ما يكونون مسالمين إلى حد كبير، يتحدثون عن أطفالهم وهم غير واعين حقًا لما يشاركون فيه”.
كما يحب العسكريون الفرنسيون أيضا المناورات. ففي تموز (يوليو) 2018، أجريت عمليات مشتركة بين قوات البحرية الفرنسية والإسرائيلية قبالة طولون وكورسيكا بحضور قادة أركانهما، الأميرالين إيلي شارفيت وكريستوف برازوك.
وكانت هذه بمثابة سابقة للبحريتين منذ العام 1963، حتى وإن سبقها إجراء مناورات جوية مشتركة في كورسيكا في كانون الثاني (نوفمبر) 2016.على الرغم من الخلافات (خاصة في الميدان الإفريقي)، فإن إسرائيل فعلا صديقة للجيش الفرنسي.
ولا يمكن للوبي إلا أن يبتهج بذلك. لأن فلسطين في هذا الصدد “ليست موضوعا”… وليست هذه المرة الأولى التي أسمع فيها ذلك.
*صحفي سابق بجريدتي “ليبيراسيون” و”لا تريبون”، متعاون مع مجلة منظمة العفو الدولية. نشر سنة 2012 كتاب Les Patrons de la presse nationale, tous mauvais (رؤساء الصحافة الوطنية جميعهم سيئون) عن دار “لا فابريك” وفي 2017، عن دار “ليبرتاليا” Mirage gay à Tel Aviv (سراب مثلي في تل أبيب).*ترجم هذا المقال من الفرنسية لموقع “أوريان 21” حميد العربي.