Oct 14, 2022 uavuav

تقنية الليزر والابتكارات الدفاعية

*أستاذ وباحث في الهندسة الإلكترونية والأنظمة الدفاعية

تقنية الليزر من التقنيات المهمة والمتقدمة التي لها أثر كبير، خصوصا عند الحديث عن عالم الابتكارات النوعية عموما، وفي المجال الدفاعي والأمني خصوصا، حيث يلاحظ أن هذه التقنية أصبح لها دور فعال في كثير من المجالات الصناعية والطبية والتجارية وغيرها، وفي مقالات سابقة تحدثنا عن تقنيات متعددة منها تقنية المستشعرات أو الحساسات، وتعد تقنية الليزر من أحدث أنواع التقنيات للاستشعار عن بعد، ولذا سيكون حديثنا في هذا المقال إعطاء فكرة عامة عن مفهوم هذه التقنية ومكوناتها وأنواعها واستخداماتها وتطبيقاتها، ودور هذه التقنية في زيادة القدرة الدفاعية وتعزيزها والنمو الاقتصادي المستدام.تقنية الليزر Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation: LASER عبارة عن إشعاعات كهرومغناطيسية لكميات متساوية من الضوء تدمج مع بعضها بعضا لتصبح نبضات ضوئية ذات طاقة عالية متساوية التردد، وكان أول اختراع لليزر عام 1960 للمهندس الأمريكي ثيودور مايمان Theodore Maiman، حيث كان يعمل في أحد أهم معامل الأبحاث في الولايات المتحدة آنذاك، ويمكن تلخيص فكرة هذا العالم التي تعد قاعدة انطلاق للاختراعات والابتكارات في تقنيات الليزر، حيث استطاع تسليط كمية من الضوء على أنبوب مصنوع من مادة الياقوت الصناعي بين سطحين مصنوعين من مادة الفضة، ما جعل الضوء ينعكس في كل مرة خلال مروره بالأنبوب بقوة متناهية، ومن ذلك الوقت تنوعت وتوالت ابتكارات هذه التقنية وأنواعها فمنها التي تعتمد على الغاز وتسمى تقنيات الليزر الغازية، حيث يدخل الغاز في تكوين إشعاعاتها، مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الهيليوم النيون، والنوع الآخر يسمى ليزر أشباه الموصلات Semiconductor Laser حيث يعتمد في تكوين إشعاعاته على مواد أشباه الموصلات، كما توجد أنواع مختلفة باختلاف الوسط الذي تعتمد عليه الإشعاعات، فهناك تقنيات الليزر التي تعتمد على الياقوت أو الألمنيوم وليزر تقنيات الأشعة تحت الحمراء وغيرها.وتنوعت استخدامات وتطبيقات تقنيات الليزر في كثير من المجالات، كالصناعة، حيث دخلت هذه التقنيات في صناعة عديد من الأجهزة والأنظمة الإلكترونية وصناعة الآلات الدقيقة. أما المجالات الطبية فلها استخدامات عدة، منها ما يستخدم في التخلص من الأورام والعمليات التجميلية، وعمليات القلب والمخ وغيرها، ويوجد عديد من الابتكارات النوعية لهذا النوع من التقنيات التي كان لها الأثر الإيجابي والفعال، مثل ابتكار "المشرط الليزري" للاستخدامات الطبية الذي يتميز بدقته الفائقة وعدم تركه أي أثر خلال إجراء العمليات الجراحية، إضافة إلى استخدامات هذه التقنية المتعددة في تطوير كثير من المنتجات التي نشاهدها من خلال حياتنا اليومية، كاستخداماتها في صناعة طابعات الليزر والماسحات الضوئية والباركود الذي أصبح موجودا في كثير من المنتجات التجارية وغيرها وما توفره من كثير من الجهد والوقت.وتم استخدام هذه التقنيات أيضا وبشكل كبير في المجال الدفاعي، وأصبح هناك عديد من المعدات والأنظمة الدفاعية التي يتم تصميمها وتصنيعها باستخدام تقنيات الليزر، منها - على سبيل المثال - الأنظمة الرادارية التي تعتمد على إشعاعات الليزر بدلا من الأشعة الرادارية المعروفة في عملية الإرسال، وتعتمد على المستقبلات الكهروضوئية بدلا من أجهزة الاستقبال الإلكترونية في الرادار، ومنها جهاز رادار الليزر أو ما يعرف باسم ليدار Laser Detection and Ranging: LADAR، ويتميز بدقته العالية في كشف الأهداف وتتبعه لها، إضافة إلى استخداماته المتعددة. وتعمل الدول المتقدمة على تطوير استخدامات هذه التقنيات النوعية من خلال مراكزها البحثية وكبرى الشركات المختصة في هذا المجال، وتخصص لذلك الميزانية الضخمة، وذلك من أجل أهمية تعزيز قدراتها الدفاعية والأمنية، ففي الولايات المتحدة مثلا، يتم تطوير نظام تم تصميمه بتقنيات الليزر ويعرف باسم الليزر النبضي الفائق القصر Ultrashort Pulsed Laser :USPL، ليصل إلى تيرا وات لكل 200 فمتوثانية، أو ربع مليون من الثانية، للعمليات الدفاعية مثل التصدي فهو يستخدم لقطع الإشارات الإلكترونية، ويمكن أن يستخدم لاكتشاف وتدمير الطائرات دون طيار. وفي المملكة المتحدة، خصصت ما يقارب 100 مليون دولار أمريكي لعديد من الشركات المختصة في الأبحاث الخاصة بأسلحة الطاقة الموجهة بتقنيات الليزر Laser-directed Energy Weapons، كما يقوم أيضا بعض الشركات الكبرى بتطوير أنظمة التشويش بتقنيات الليزر للصد والحماية لتعمل مع بقية الأنظمة كمنظومة دفاعية متكاملة. من الناحية الاقتصادية، حسب ما أشار إليه عديد من التقارير، فإن سوق أنظمة تقنيات الليزر العالمية في نمو مستمر، حيث يتوقع أن يصل حجم الإنفاق إلى 30.30 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028.لذا أرى أن الاستثمار في مثل هذه الابتكارات التقنية النوعية بات ضرورة ملحة في وقتنا الحاضر، ويتطلب التكامل المشترك بين الهيئات والمراكز البحثية والتعليم والشركات والمصانع المحلية ومن خلال الشراكات الاستراتيجية العالمية، وذلك لتنويع مصادر الدخل ولتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في بناء اقتصاد مستدام مبني وقائم على المعرفة والابتكار.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها

تقنية الليزر والابتكارات الدفاعية