تحديات جديدة تفرض إجراء تغييرات في عمل سلاح الجو الإسرائيلي
اعتبرت شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي أن التغييرات الأخيرة التي تشهدها المنطقة تشكل تحدياً جديداً لسلاح الجو، ما اضطره إلى العمل على تغيير نشاطاته عند الحدود الشمالية، سواء تجاه لبنان أو سوريا.
وفي اجتماعات للأجهزة الأمنية وقيادة الجيش لبحث هذه التطورات، طُرحت قضية الكشف عن الدفاعات الجوية الميدانية لـ "حزب الله" التي اعتبرتها القيادة الأمنية الإسرائيلية تحدياً لسلاح الجو ورسالة من "حزب الله" بأن الواقع من جانب لبنان وفي أجوائه قد تغير، وهذا، وفق ضباط في شعبة العمليات، يشكل تهديداً جدياً وغير مسبوق لسلاح الجو ونشاطاته ما يستدعي إجراء تغييرات عليها.
من ناحية سوريا قال الجيش الإسرائيلي إنه يرصد "زيادة في الصواريخ المضادة للطائرات التي يتم إطلاقها على طائرات سلاح الجو، والتي يمكن أن تقلص هامش الحرية التي تتمتع بها القوات الجوية خلال الأنشطة العملياتية في سوريا"، مشدداً على ضرورة "معالجة هذه المسألة للحفاظ على الأفضلية".
المواجهة عبر تطورات تكنولوجية
يتخذ البحث في الوضع الأمني في المنطقة حيزاً كبيراً في أجندة القيادات العسكرية والأمنية، وبحسب ما تسرب من اجتماعات لشعبة العمليات في الجيش، فإن التغيير الأمني في منطقة الشمال يستلزم تغييراً في طبيعة عمل سلاح الجو والحذر أثناء تنفيذ الطلعات الجوية، التي ينفذ معظمها بهدف جمع معلومات استخباراتية، خصوصاً تجاه لبنان، أو استهداف مواقع تابعة لإيران و"حزب الله" في سوريا، أو شاحنات نقل أسلحة في طريقها إلى لبنان.
وتمخض عن اجتماعات عقدها الجيش ووزارة الأمن، أن إسرائيل لا تستطيع التراجع عن خطتها أو السماح بتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها. وهدد ضباط إسرائيليون أن "الجيش الإسرائيلي لن يتنازل عن حرية العمل في سماء لبنان ومهمات جمع معلومات استخباراتية، طالما يواصل (حزب الله) وإيران بناء منشآت إرهابية في مختلف أرجاء لبنان بشكل يهدد إسرائيل"، وفق تعبيرهم.
وإزاء التطورات الأخيرة وما يشكله الوضع من تهديد وخطر على سلاح الجو، تسعى إسرائيل إلى مواجهة التغيرات، خصوصاً في لبنان بتحديث وتطوير آليات ومعدات تكنولوجية إلى جانب إجراء تغييرات جذرية لأنماط عمل مبتكرة كوسيلة للحفاظ على تفوق سلاح الجو الإسرائيلي أو ضمان دفاعات قوية تكون على أهبة الاستعداد لمواجهة احتمال قيام "حزب الله" بإسقاط طائرة مقاتلة أو طائرة من دون طيار داخل الحدود الإسرائيلية.
ويقول معدو تقرير أمني، إن المعلومات الاستخبارية في حوزة إسرائيل تفيد أن "حزب الله"، على الرغم من الوضع الاقتصادي والسياسي الصعب في لبنان، يواصل بناء وتعزيز قدراته العسكرية بما في ذلك مشروع الصواريخ الدقيقة التي تشكل أكبر التحديات لإسرائيل من جانب الحزب.
وأضاف التقرير الإسرائيلي مدعياً أن "حزب الله نجح في نقل منظومات دفاع جوي من طراز "SA-17" و "SA-8" روسية الصنع من سوريا إلى لبنان، كما تم نقل منظومات لتشويش طلعات جوية إسرائيلية وإسقاط طائرات"، وفي تقديرات الجيش فإن مقاتلي "حزب الله" تدربوا على تشغيل هذه المنظومات في الأراضي الروسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تخوفات إسرائيلية
ضمن التخوفات الإسرائيلية إزاء التطورات التي تشهدها المنطقة، تعاظم التهديدات التي تتعرض لها الدولة العبرية. ففي التوقعات الإسرائيلية، التهديد الصاروخي والأسلحة النووية الإيرانية واحتمال اجتياح إسرائيل، هي أكثر التهديدات المتوقعة خلال السنوات المقبلة وتشكل خطراً حقيقياً.
وإزاء الوضعية التي يعيشها الجيش حذرت جهات عسكرية من أن أية مواجهة مقبلة قد تحدث كارثة. وشمل تقرير، نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، وتم عرضه على المسؤولين، التوصية بضرورة العمل الفوري في جوانب عدة بينها:
- الإمدادات: بحسب التقرير الإمدادات المتوفرة لدى الجيش لن تعمل في الحرب المقبلة، بسبب عدم تطويرها، وسيؤدي ذلك إلى توقف نشاط الجيش ليوم أو يومين على الأقل، لأن الآلاف من شاحنات الجيش الإسرائيلي قديمة وغير مؤهلة لنقل الإمدادات في فترة الحرب. وأضاف التقرير "قام الجيش بخصخصة معظم المنظومات التي تتعلق بنقل الفيالق وتأمين قدرتها المادية في الحرب ومنحها لشركات مدنية. هذه الشركات يجب عليها أن تنقل للقوات الوقود والذخيرة والغذاء والمعدات وقطع الغيار والمياه ومواد الاستبدال والدبابات وناقلات الجنود المصفحة وكراجات لإصلاح الأعطال والسيارات والمعدات الميكانيكية الثقيلة".
- حماية القرى الحدودية: لا يوجد هناك من يقوم بحماية القرى الحدودية في الشمال أمام آلاف الصواريخ وقذائف المدفعية التي ستسقط على أراضيهم وقراهم كل يوم. وحتى المئات أو الآلاف من مقاتلي "حزب الله" الذين سيجتازون الحدود ويحاولون السيطرة على القرى، وفق التقرير الذي أضاف "الجيش الإسرائيلي غير مستعد لذلك. لهذا فإن القرى الحدودية يجب عليها الدفاع عن نفسها. وبدلاً من أن يزود الجيش هذه القرى بالسلاح ويساعدها في التدريب، يقوم بجمع السلاح منها خوفاً من السرقة، وهذا تفكير غير معقول وغير مسؤول تجاه سلامة سكان الجليل".
- إبلاغ الجمهور عن التهديد الذي تتعرض له الجبهة الداخلية وإعداد الجبهة الداخلية للحرب: المنطقة أو السكان الذين كان يمكن أن يكونوا خارج ساحة القتال أو بعيداً منها سيتحولون إلى ساحة الحرب المركزية المتعددة الساحات. الجيش يتعامل مع هؤلاء السكان وكأن الأمر يتعلق بفائض من العبيد، كما يقول التقرير، ويضيف "الجبهة الداخلية التي يوجد فيها حوالى 10 ملايين مواطن غير مستعدة للحرب الأكثر قسوة التي تحل علينا منذ حرب عام 1948. الحديث يدور عن إطلاق 3 آلاف صاروخ وقذيفة وطائرة مسيرة بالمتوسط كل يوم على الجبهة الداخلية الإسرائيلية. النتيجة هي حوالى 100 موقع مدمر كل يوم.
وهناك توصية متعلقة بالأسلحة. ووفق التقرير يتوجب على إسرائيل التزود بالسلاح الحديث وتحسين القدرة القتالية متعددة الأذرع في الجيش الإسرائيلي. صواريخ "أرض – أرض" والليزر الهجومي والدفاعي، هي عوامل مهمة داخل عوامل عدة تشمل مضادات الطائرات كدفاع مضاد للطائرات المسيرة وتعزيز سلاح المشاة. هذه يمكنها أن تعطي حلاً مكملاً للطائرات ضد الطائرات المسيرة والصواريخ والقذائف العدو، وهجمات جنوده في البر.
- تعزيز سلاح المشاة: وبحسب التقرير فقد تم تقليص قوات المشاة وميزانيتها وقوتها البشرية، في السنوات الأخيرة إلى تحت الخط الأحمر، لا يمكنها الرد في حرب متعددة الجبهات. أي خمس جبهات في الوقت نفسه (لبنان وسوريا وغزة واندلاع مواجهات في الضفة لعشرات الآلاف من التنظيمات المسلحة وفوضى يقوم بها الآلاف من فلسطينيي 48 والبدو داخل إسرائيل الذين لديهم سلاح وذخيرة). ويحذر التقرير من أن القوات البرية أصغر من أن تستوعب مهماتها في الحرب لأن منظومة الاحتياط غير مؤهلة للحرب ووصلت إلى الحضيض. الجيش الإسرائيلي يمكنه إذن التعامل بصعوبة مع جبهة ونصف الجبهة، وليس مع خمس جبهات مثلما ستكون الحال في الحرب المقبلة.
وانتقد معدو التقرير المستوى الأمني، الذي يستمر في تجاهل الوضع وحذروا من أن "وقوع الكارثة بات مسألة وقت".